أولاً أرجو من الجميع قراءة موضوع النقاش هذا إلى آخر كلمة قبل أن يفكروا فى التعقيب والرد خصوصاً آخر فقرة
ما يهمنى فى هذا الموضوع هو إجابة سؤال مهم هو؛ هل أنا عربى أم مصرى؟
وجهة نظرى واعتقادى الشخصى هو بالطبع أنى أتحدث اللغة العربية وبالطبع أنا مصرى الجنسية، ولكنى أُفَضِّل وبقوة أن أنتمى فقط لكيانى المصرى ذو الأصل الفرعونى العريق. ليس لمجدهم التاريخى العظيم فقط، ولكن أيضاً لأنهم هم أجدادى أما العرب فهم ليسوا بأجدادى، فالعرب دخلوا مصر نعم لسبب أو لآخر – وهذا ليس موضوعنا - ولكنهم لم يكونوا يوماً مصريين مثلهم مثل الإنجليز أو الفرنسيين ولكن لغة العرب كان لها تأثيراً أكبر واستمرارية أطول بكثير لعوامل أخرى عكس عوامل الاحتلال منها عامل الدين، فالعرب منشأهم وموطنهم هو شبه الجزيرة العربية
أكرر أن نطقى للعربية لا يعنى أننى عربى، فهناك مصريين كثيرين يجيدون وبطلاقة الإنجليزية أو الفرنسية أو كليهما بينما لا يطلق عليهم لا إنجليز ولا فرنسيين.
هذا مع العلم أن تحيزى لكى أكون مصرياً فقط لا يعنى أننى أقلل من شأن الهوية العربية فى حد ذاتها ولا أريد ذلك من الأساس، بل بالعكس فأنا أحترم كل الأجناس طالما لم تعتدى هى فى البداية على هويتى المصرية .. ولكن تفضيلى للهوية المصرية يرجع فقط لأنى فخور جداً بمصريتى.
فما تعلمته وعرفته حتى فى تاريخ مصر الحديث أنه لم يكن للهوية العربية في مصر أي قدر يُذكر، حتى أن الزعيم سعد زغلول تهكم حين أخبروه أول مرة بفكرة تجمع للشعوب أو الدول العربية فقال كلمته الساخرة الشهيرة: "أن العرب ليسوا سوى (صفر + صفر = صفر)". حتى الأديب طه حسين حين حدثوه في لبنان عن القومية العروبية قال لهم: "أن المصري لا يرتضى بهويته المصرية بديلاً ولو جاءت تلك الهوية البديلة من السماء!!!" .
وحتى لا أُفهم (بضم الألف) خطأ فكون مصر دولة ذو أغلبية مسلمة، فهذا ليس مبرراً أيضاً لكى تكون مصر دولة عربية فها هى إيران دولية إسلامية دينية، ولكنها تحتفظ وتتفاخر بكيانها الفارسى، وكذلك الحال فى تركيا التى تعتبر من أقوى الدول الإسلامية على الإطلاق عسكرياً واقتصادياً وسياسياً، بل أنها قد كانت لوقت قريب موطن الخلافة العباسية لقرون طويلة وكانت تتحكم سياسياً ودينياً واقتصادياً فى معظم الدول الإسلامية الأخرى، ولكنها تحتفظ هى الأخرى وتتفاخر بكيانها التركى.
إذاً فهل بقبولنا مبدأ أن "مصر عربية" نعترف بأن الحضارة المصرية تحتاج إلى القومية العربية لكى ترفع من شأنها لأنها بمفردها لا تساوى شىء، على عكس الحال فى مثالى إيران وتركيا .. أم أن الحضارة المصرية التى نعرفها كلنا ويعرفها العالم ويعرف مدى عظمتها وماذا قدمت للعالم كله على مر التاريخ وكيف ينشغل بها العلماء إلى الآن، حتى الديانات السماوية كلها (يهودية ومسيحية وإسلامية) اهتمت بالدولة المصرية والمصريين وذكرتهما إيجاباً فى كل الكتب المقدسة سواء توارة أو إنجيل أو قرآن. بل أن المصريين القدماء كانوا أول من عرف الله الواحد وعبدوه ولكن بالصورة البدائية قبل نزول الرسالات السماوية.
الآن وفى النهاية أعرف أن هناك مهاويس دينيين سيغضبون ويثورون من هذا التساؤل لمجرد أنهم حفظوا أن أى نقاش قد يشكك فى كون مصر عربية هو تحدى للذات الإلهية - معاذ الله - وأنا أطلب منهم الآن أن يقرءوا ما ورد مرة أخرى قبل أن يردوا، وأن يتذكروا أن أدب الحوار هو معيار تحضرهم بل هو أيضاً اعتزازاً منهم بأخلاق ومبادئ دينهم أياً كان اسمه