الحساب الصحيح

الحساب الصحيح



جرت أحداث هذه القصة الحقيقية، في إحدى الغابات الكثيفة، التى كانت تقطنها قبيلة هنود ال Acua فى بلاد ال Acuador . عُرِف أهل هذه القبيلة، بشدتهم، ورفضهم العنيف لإى تدخل خارجى، حتى أن السلطة الحكومية لم تقدر أن تسيطر عليهم.

لمدة أربعة أشهر، حاولت مجموعة من المبشرين المسيحين أن يتصلوا بأفراد القبيلة عبر رسائل جوية، وهدايا مختلفة، كانوا يربطونها بحبال، ويدلّونها من طائرة تحوم فوق أرض القبيلة. أخيرا، بأت هذه المساعى بالنجاح، حتى أن أهل القبيلة كانوا أيضا يرسلون هدايا الى الطائرة بواسطة تلك الحبال. عندها قررت تلك المجموعة من المبشرين أن الوقت قد حان للقاء شخصى مع أفراد القبيلة.

ففى الثامن من كانون الثانى (يناير) سنة 1956، حطت طائرة صغيرة على شاطئ بحرى قريب من أرض ال Acua . كانت تلك الطائرة تحمل خمسَ مبشرين رجال، أحدهم يدعى Jim Elliot ، وكان Jim فى أواخر العشرينات من العمر.

حالما حطت الطائرة، اتصل أحد المبشرين بزوجته عبر الراديو قائلا: إنى أرى عشرة رجال من القبيلة يتجهون نحونا. أرجو أن تصلوا من أجلنا، أما نحن، فسوف نخبرهم عن محبة الرب يسوع. وسنتصل بكم فى الساعة الرابعة والنصف بعد الظهر. صلّوا من أجلنا.

مرّت الساعة الرابعة والنصف، ولم يكن هناك من إتصال. إبتداء القلق يساورهم، مر أول يوم، ولم يكن هناك أى إتصال. فأُرسلت طائرة إنقاذ لتبحث عن هؤلاء المبشرين، ويا لهول المنظر الذى رأوه من السماء. كان هؤلاء الرجال الخمسة طرحى على شاطئ البحر، وفى صدر كل منهم حربة أطلقها رجال ال Acua.

اُرسلت طائرة أخرى لتنتشل الجثث من على الشاطئ. ووجدوا ورقة صغيرة فى جيب Jim Elliot، أحد هؤلاء الشهداء المسيحين. كان قد كتب عليها هذه الكلمات القليلة بخط يده:

"إنه ليس أحمقا، من يتخلى عمّا لا يقدر أن يحتفظ به، ليربح ما لا يستطيع أن يخسره." أجل، لقد تخلى Jim ورفقائه، عن كل شىء فى الحياة، لقد أحبوا هذه القبيلة جدا، أكثر من حياتهم، وأرادوا أن يخدموا إنجيل الرب يسوع المسيح. فلن يقدر أحد، أن ينزع تلك المكافئة منهم.

قال الرسول بولس: "لكن ما كان لى ربحا، فهذا قد حسبته، من اجل المسيح، خسارة. بل انى احسب، كل شىء ايضا خسارة، من اجل، فضل، معرفة المسيح يسوع ربى، الذى، من اجله خسرت كل الاشياء، وانا احسبها نفاية، لكى اربح المسيح، واوجد فيه. وليس لى برى، الذى من الناموس، بل الذى، بايمان المسيح، البر الذى من الله بالايمان.

أخى وأختى، إن كل من يريد أن يقف مبررا أمام الله، فعليه أولا أن يعترف بعجزه، وضعفه أن يبرر نفسه بأعماله. تلك الأشياء، التى وإن كانت جيدة بحد ذاتها، لكنها لا تعطى الإنسان برا أمام عرش الله البار. فكل من أراد أن يحصل على الحياة الأبدية، التى لن يخسرها أبدا، ولا يستطيع أحدا أن ينزعها منه، فعليه أولا أن يتخلى عن بره الذاتى، الذي به يحسب نفسه أفضل من الآخرين، ويتخذ له بر المسيح.

كم من أشخاص ينتظرون إلى أخر لحظة من حياتهم ليتصالحوا مع الله، لكن علينا أن نكون مستعدين فى كل وقت، لإننا نجهل الغد، ... قال مرة Jim Elliot، هذه الكلمات المؤثرة: عندما يحين الوقت كى تموت، تأكد أن كل ما عليك أن تفعله هو فقط أن تموت!

ها نحن فى بداية سنة جديدة، ولا شك أن لكل أهداف وتطلعات وخطط لهذه السنة. لكن علينا أن نحاسب كلٌ نفسه كما حاسب الرسول بولس نفسه. هل تخليت عما لا تقدر أن تحتفظ به، لكى تربح ما لا تستطيع أن تخسره؟ إن هذا هو الحساب الصحيح الذى يضمن لك غفران الخطايا والحياة الأبدية.

فهل حساباتك صحيحة... فى بداية هذه السنة الجديدة...
_________________