كتب "**التأمل في الألم,يرفع النفس الى فوق.
يرفعها فوق مستوى المادة والعالم ،ويدخلها فيما هو ارقى من الارضيات ..
ولذلك فان الانسان في حالة الالم ،تكون نفسه اقوى ،وروحياته اعمق ،وكثيرا ما نرى الانسان في المه متجردا من حب العالم . في حالة البهجة ربما يشعر الانسان المسرور ان العالم معه .
اما في حالة الالم فيكون العالم خلفه ، وقد اختفت محبة العالم من قلبه .
لذلك سهل على المريض ان يقترب الى الله .
المريض المتألم يقبل الحديث عن الله ،ويحب ان يصلي ، ويطلب ان يصلي الناس من اجله .
وكلمة (الله )تتردد كثيرا على فمه ،اكثر مما في حالة صحته ...
ونفس الوضع بالنسبة الى الانسان الحزين ،الذي هو في ضيقة او اشكال ،أوالذي توفى له أحد أحبابه ...
في مثل هذا الحزن ،تجد القلب بعيدا عن شهوات العالم ،بعيدا عن
التعلق بالمادة ،وزاهدا في شهوة الجسد 0
وربما لفائدة الالم روحيا ،سمح الله به 0
سمح به لانه نافع للروح ،اذا سلك فيه الانسان بحكمة 0
والذين يزورون المقابر يستفيدون من مجرد النظر الى مكان الموت ،ومن تذكر الموت والالم ،وتذكر فقد الاصحاب والاحباء 0 كل ذلك يعطيهم عمقا في فهمهم وفي روحياتهم 0
ترى لماذا بكى يسوع الحبيب عند قبر لعازر ؟
لقد بكى يسوع على البشرية التي اوصلتها الخطية الى الموت ، فلولا ذلك مامات لعازر كما مات باقي الناس 0وايضا لان البشرية التي خلقت على صورة الله ومثاله ،وصلت الى ذلك المصير الذي تقول فيه أخت عن أخيها المحبوب انه (قد أنتن )0
انها خطية الانسان الاول التي جرت الى كل هذه النتائج :الموت ،والنتن ،وانحلال الجسد ،وبكاء الاقارب والاصحاب 0والسيد المسيح حينما بكى عند قبر لعازر ،كان كل ذلك امام عينيه 0
وكان لعازر يمثل البشرية المنهارة التي تموت وتنتن 0رزحت البشرية تحت اثقال كثيرة من الآلام والاحزان والاوجاع والمتاعب ،حتى تحنن عليهم الرب (اذ رآهم منطرحين ومنزعجين كغنم لاراعي لها )(متى 36:9)0وقال لهم تعالو الي يا جميع المتعبين والثقيلي الاحمال وانا اريحكم )28 :11 )0 لقد شاركهم قلبيا في آلامهم 0ولكن كيف اراحهم ؟لقد اراحهم عمليا 0
فكما حمل خطاياهم ،هكذا حمل احزانهم واوجاعهم 0
وفي ذالك يقول اشعياء النبي (لكن احزاننا حملها ،واوجاعنا تحملها 000وهو مجروح لاجل معاصينا ،مسحوق لاجل آثامنا )(اش 5،4:53 )0 اذا حين نتامل في آلام المسيح ،انما نتامل معاصينا وآثامنا 0ونتامل اوجاعنا التي تحملها ،وبسببها (سكب للموت نفسه ،واحصي مع اثمة )(اش 12:53 )0
آلام السيد المسيح دليل على حبه للبشر 0
حبه هو الذي صلبه 0ولولا هذا الحب ما استطاع بيلاطس ولا اليهود ان يصلبوه 0 هو قال (أضع نفسي لآخذها ايضا 0ليس احد يأخذها مني ،بل أضعها أنا من ذاتي 0لي سلطان ان اضعها ،ولي سلطان ان آخذها ايضا )(يوحنا 18،17:10 )0ولماذا وضع ذاته ؟من اجل محبته للبشر 0 من اجل حبه الجبار لي ولك 0هذا الحب الذي جعله يبذل ذاته فداء عنا ،لكي نخلص نحن بموته 0(هكذا احب 000حتى بذل ابنه الوحيد لكي لايهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية )(يوحنا 16:3)0انه الحب الجبار الذي جعله يحمل خطايا العالم كله ،لكي يمحوها بدمه ويموت عنها 0
لقد كان مسرورا بحمل خطايا الناس وآلامهم 0
وآلامه لم تكن آلام الجسد فقط 0000سواء في الاشواك او اللطم او الجلد او الصلب او حمل الصليب 000وانما اهم من ذالك كله آلامه في حمل الخطية التي لاتتفق مع طبعه 000حمل جميع خطايا الناس من آدم الى آخر الدهور 000
وقف امام الناس كخاطئ ،وامام الله كخاطئ 0
امام الناس (احصي مع اثمة )000وامام الآب وقف نائبا عن البشرية الخاطئة ،يحمل خطايا ها كلها ليقدم ثمنها للعدل الالهي 0 وبهذا يرضى الآب،ويكون َ(ذبيحة محرقة ،رائحة سرور للرب )(لا9:1 )0وهذا ً(الذي لم يعرف خطية ،جعل خطية لاجلنا ،لنصير نحن بر الله فيه )(2كو رنثوس 21:5 )0هل تحمل خطايا الناس ،كما حملها المسيح ؟
هل تستطيع ان تاخذ خطايا غيرك وتنسبها الى نفسك ؟وتقول (انا المخطئ وليس هو )000وان نسبت اليك خطية اقترفها اخر ،هل تستطيع ان تقبل ذلك وتصمت؟
وان لم تستطع ان تحمل خطايا الناس ،فهل يمكنك على الاقل ان تحتملها ؟ اي ان تحتمل خطايا الناس اليك 000ان لم تستطع ان تحمل خطايا الناس وتنسبها الى نفسك ،فعلى الاقل لاتجلس وتدينهم وتحملهم خطايا 000
ان لم تحمل خطاياهم ،فاحمل آلامهم 0
كما اشترك بها يسوع (فرحا مع الفرحين وبكاء مع الباكين )(رومية 15:12 )0
وفي آلامك ثق ان المسيح صديق لكل متألم 0
المسيح كان قويا وصامدا في كل آلامه 000واعطى مثالا رائعا للقلب الكبير ،القوي الشجاع ،الذي احتمل ظلم الاشرار ،وقال (يا ابتاه اغفر لهم 000لانهم لايدرون مايفعلون 000)
وهكذا حول صليب العار الى صليب مجد 000وحول الالم الى بركة واكليل 0
(المسيح قام 000حقا قام 0)فالنفرح ولنتهلل لقيامته المجيدة 000وكل عام وانتم بخير 0